إقتصاددوليرصدسياسةمتابعات

عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني وزير الخارجية وانغ يي في مؤتمر صحفي

 

 

 

الصين

7 مارس 2025

 

عقدت الدورة الـ3 للمجلس الوطني الـ14 لنواب الشعب الصيني مؤتمرا صحفيا في مركز ميديا في يوم 7 مارس عام 2025، حيث أجاب عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني وزير الخارجية وانغ يي على أسئلة الصحفيين الصينيين والأجانب حول سياسة الصين الخارجية وعلاقاتها الدولية.

وانغ يي: أيها الأصدقاء الصحفيون، صباح الخير! يسعدني أن ألتقي معكم مرة أخرى، أشكركم على متابعتكم ودعمكم الدائمين للدبلوماسية الصينية.

إن عام 2024 عام شهدت فيه المعادلة الدولية تغيرات عميقة، كما أنه عام مضت فيه الصين قدما بخطوات واسعة في طريق الإصلاح والتنمية، حيث أحرزت الدبلوماسية الصينية تقدما مهما تحت قيادة الأمين العام شي جينبينغ، وخلقت بيئة خارجية صالحة لتحقيق التنمية العالية الجودة، وأتت بالاستقرار الثمين للعالم الذي يشهد التغيرات والاضطرابات المتشابكة، كما أن بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية قد خطا خطوة ثابتة وجديدة إلى الأمام.

لا تزال الأوضاع الدولية في العام الجاري محفوفة بالتحديات، غير أن الصين لن تغيّر الغاية الأصلية لدبلوماسيتها، وستواصل العمل مع دول العالم على الالتزام بالطريق المستقيم ومواكبة تيار العصر والدفاع عن العدل والإنصاف الدوليين والحفاظ على السلام والاستقرار في العالم.

أنا على استعداد للإجابة عن أسئلتكم.

 

CCTV: هل لكم تسليط الضوء على الإنجازات التي حققتها الدبلوماسية على مستوى القمة في العام المنصرم؟ وما هي نقاط لافتة جديدة في هذا العام؟

وانغ يي: إن الدبلوماسية على مستوى القمة هي أعلى مستوى للدبلوماسية الصينية. في العام المنصرم، بذل الرئيس شي جينبينغ جهودا شخصية لتخطيط وتطبيق الدبلوماسية على مستوى القمة، مما أحرز إنجازات مثمرة، ولا تزال لحظاتها الرائعة حية أمام أعيننا. من مؤتمر إحياء الذكرى السنوية الـ70 لإصدار المبادئ الخمسة للتعايش السلمي، إلى قمة بيجينغ لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي، ثم إلى منتدى التعاون الصيني العربي، نصبت الفعاليات الدبلوماسية الكبيرة الثلاث التي استضافتها الصين نموذجا جديدا لتقدم الجنوب العالمي يدا بيد إلى الأمام. من أوروبا إلى آسيا الوسطى، ومن البريكس إلى أمريكا اللاتينية، حشدت الجولات الأربع المهمة قوة دافعة جديدة للتضامن والتعاون في العالم. كما استقبل الرئيس شي جينبينغ عددا كبيرا من كبار الشخصيات السياسية والأصدقاء الأجانب، وأجرى معهم أكثر من 130 لقاء ومحادثة، مما كتب قصصا جديدة ذائعة الصيت للصداقة بين الصين وسائر دول العالم.

قاد الرئيس شي جينبينغ كزعيم دولة كبيرة وحزب كبير، الدبلوماسية الصينية للمضي قدما إلى الأمام بخطوات متزنة، مع الحفاظ على الأصالة والسعي إلى الابتكار، برؤيته العالمية وإحساسه بمسؤولية العصر، مما أحدث التغيرات الإيجابية والعميقة للعلاقات بين الصين والعالم: أولا، ازداد الترحيب والدعم لدى المجتمع الدولي للسياسات والآراء الدبلوماسية الصينية، ولاسيما المفاهيم والمبادرات الهامة التي طرحها الرئيس شي جينبينغ؛ ثانيا، ازدادت التطلعات والإشادات لدى دول العالم للدور الإيجابي الذي تلعبه الصين في مواجهة مختلف التحديات العالمية وحل القضايا الساخنة والمستعصية؛ ثالثا، ازداد عدد الدول التي تتفق وتستفيد من الخبرات والإلهامات الناجحة لطريق التحديث الصيني النمط.

إن عام 2025 عام مهم بالنسبة إلى الصين والعالم برمته، وستقبل الدبلوماسية على مستوى القمة على لحظات بارزة جديدة. حضر الرئيس شي جينبينغ في الشهر الماضي حفل الافتتاح للألعاب الآسيوية الشتوية، الأمر الذي افتتح الفعاليات الدبلوماسية التي ستستضيفها الصين في العام الجاري. كما سنحتفل بشكل مهيب بالذكرى الـ80 لانتصار حرب مقاومة الشعب الصيني ضد العدوان الياباني والحرب العالمية ضد الفاشية، وسنقيم سلسلة من الفعاليات الكبرى بما فيها قمة منظمة شانغهاي للتعاون. ومن المتوقع أن يقوم الرئيس شي جينبينغ بجولات عديدة مهمة إلى الخارج. ستكتب الدبلوماسية على مستوى القمة فصلا جديدا للعمل المشترك وتبادل الإنجاح بين الصين والعالم.

إيتار تاس: هنالك تفاعلات كثيفة بين قادة الصين وروسيا منذ العام الماضي، وشهدت العلاقات بين البلدين تطورا سليما. غير أن بعض الناس يقلقون من التداعيات السلبية على التنسيق الاستراتيجي بين الصين وروسيا إثر الحوار الأخير بين روسيا والولايات المتحدة. كيف تنظر إلى العلاقات الصينية الروسية؟

وانغ يي: تبقى العلاقات الصينية الروسية ضمن الأسئلة المطروحة كل عام، لكن زواياها تختلف كل مرة. أود أن أؤكد أن المنطق التاريخي للصداقة الصينية الروسية لن يتغير وديناميكيتها الداخلية لن تتقلل مهما كانت تغيرات البيئة الدولية.

قرر الجانبان، بعد استخلاص الخبرات التاريخية بصورة معمقة، تحقيق حسن الجوار الأبدي وإجراء التنسيق الاستراتيجي الشامل والسعي وراء المنفعة المتبادلة والتعاون والكسب المشترك، لأن ذلك أكثر ما يتفق مع المصالح الأساسية للشعبين ويتماشى أيضا مع اتجاه تطور وتقدم العصر. لقد نجحت الصين وروسيا في استكشاف طريق التعامل المتمثل في “عدم التحالف وعدم المجابهة وعدم استهداف طرف ثالث”. وذلك يعد قدوة لنوع جديد من العلاقات بين الدول الكبيرة، وينصب نموذجا يحتذى به للعلاقات بين دول الجوار. إن علاقات ناضجة وصلبة ومستقرة بين الصين وروسيا لن تتغير بسبب الأحداث أو حسب الأوقات، ولن تتأثر بتشويشات من الطرف الثالث، وأصبحت هذه العلاقات عاملا ثابتا في العالم المضطرب، وليست عاملا متغيرا في التجاذبات الجيوسياسية.

كان العام الماضي يصادف الذكرى السنوية الـ75 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وروسيا، حيث عقد الرئيس شي جينبينغ والرئيس فلاديمير بوتين ثلاثة لقاءات وجها لوجه، وقاما بالقيادة المشتركة لعلاقات شراكة التنسيق الاستراتيجية الشاملة بين البلدين في العصر الجديد للمضي قدما نحو مرحلة تاريخية جديدة.

يصادف هذا العام الذكرى السنوية الـ80 لانتصار الحرب العالمية الثانية، كان كل من الصين وروسيا يقاتل بشجاعة وبسالة في ساحات القتال الرئيسية في آسيا وأوروبا، وقدمتا التضحيات القومية الهائلة والمساهمات التاريخية الجبارة في سبيل انتصار الحرب العالمية ضد الفاشية. سيقوم الجانبان بإحياء هذا التوقيت التاريخي المهم، ويعملان على تكريس المفهوم الصائب حول تاريخ الحرب العالمية الثانية، والدفاع عن ثمار انتصار الحرب، وصيانة المنظومة الدولية التي تكون الأمم المتحدة مركزا لها، ودفع تطور النظام الدولي نحو اتجاه أكثر عدالة وإنصافا.

وكالة أنباء شينخوا: ذكرتم للتو أن الدبلوماسية الصينية في عام 2024 ضخت عوامل الاستقرار الثمينة للعالم المضطرب، فما هو الدور الذي ستلعبه الدبلوماسية الصينية في ظل الأوضاع الدولية التي قد تشهد مزيدا من التحولات والاضطرابات المتشابكة في عام 2025؟

وانغ يي: كما ذكرت، يشهد عالم اليوم التحولات والاضطرابات المتشابكة، حيث تصبح عوامل اليقين موارد شحيحة في العالم على نحو متزايد. إن الخيارات التي تتخذها دول العالم، خاصة الدول الكبرى، ستحدد اتجاه تطور العصر وتؤثر على المعادلة الدولية. ستقف الدبلوماسية الصينية بثبات إلى الجانب الصائب للتاريخ وإلى جانب تقدم البشرية، وتساهم بعوامل اليقين الصينية في ضمان الاستقرار للعالم الذي يسوده عدم اليقين.

سنكون قوة ثابتة للدفاع عن المصلحة الوطنية. يتمتع الشعب الصيني بالتقاليد المجيدة المتمثلة في تقوية الذات بلا توقف. لا نثير المتاعب أبدا، ولا نخاف منها. تعجز الضغوط القصوى والتهديد والابتزاز أيا كان، عن هز عزيمة أبناء الشعب الصيني المتحدين البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة، أو عرقلة الخطوات التاريخية لتحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية.

سنكون قوة عادلة للحفاظ على السلام والاستقرار في العالم. سنواصل توسيع علاقات الشراكة الدولية القائمة على المساواة والانفتاح والتعاون، ونعمل على حل القضايا الساخنة بالطريقة ذات الخصائص الصينية، بما يسجل صفحة جديدة من تقوية الذات عبر التضامن مع الجنوب العالمي. سنثبت بالحقائق أن طريق التنمية السلمية هو طريق مستقيم ومشرق ومتميز بالاستقرار والاستدامة، وسيكون خيارا مشتركا لدول العالم.

سنكون قوة تقدمية للحفاظ على العدالة والإنصاف الدوليين. سنلتزم بتعددية الأطراف الحقيقية، ونأخذ مستقبل البشرية ورفاهية الشعوب بعين الاعتبار، وندفع بالحوكمة العالمية القائمة على التشاور والتعاون والنفع للجميع، ونلتزم بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، ونساهم في بلورة توافقات أوسع لبناء تعددية الأقطاب العالمية المتسمة بالمساواة والانتظام.

سنكون قوة بناءة لتدعيم التنمية المشتركة في العالم. سنواصل توسيع الانفتاح العالي المستوى على الخارج وتقاسم الفرص الرحبة الناتجة عن التحديث الصيني النمط مع دول العالم. سندافع عن منظومة التجارة الحرة والمتعددة الأطراف، ونخلق بيئة التعاون الدولي المتسمة بالانفتاح والشمول وعدم التمييز، وندفع بالعولمة الاقتصادية المتسمة بالشمول والنفع للجميع.

سي أن أن: بعد عودته إلى البيت الأبيض، ينتهج دونالد ترمب سياسة “أميركا أولا”، وقد أعلن الانسحاب من مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومنظمة الصحة العالمية وغيرهما من المنظمات الدولية ومختلف المعاهدات، هل ذلك يوفر فرصة استراتيجية للصين في إعادة تشكيل المعادلة الدولية في الشؤون الدولية؟

وانغ يي: هناك أكثر من 190 دولة في العالم، لنتصور، إذا شددت كل دولة على أنها أولا، وانغمست في السعي إلى موقع القوة، فسيرجع العالم إلى حالة يحكمها قانون الغابة، وستكون الدول الصغيرة والضعيفة في مقدمة المتضررين، وستتعرض القواعد والنظام الدولي لصدمات خطيرة.

في مؤتمر باريس للسلام الذي انعقد قبل أكثر من مائة عام، طرح الصينيون سؤالا تاريخيا: هل “الحق يغلب على القوة” أم “القوة هي بمثابة الحق”؟ إن الدبلوماسية لجمهورية الصين الشعبية تقف بكل ثبات إلى جانب الحق الدولي، وتعارض بكل ثبات القوة والهيمنة. ينبغي أن يتقدم التاريخ إلى الأمام وليس العكس. وينبغي أن تتصرف الدول الكبيرة بأسلوب يليق بمكانتها، وتضطلع بمسؤوليتها، بدلا من الركض وراء المصالح الأنانية أو التنمر على الضعفاء. يقول الغربيون “لا يوجد أصدقاء دائمون، وإنما توجد فقط مصالح دائمة”. لكن برأي الصين، يجب أن يكون الأصدقاء دائمين، وأن تكون المصلحة مشتركة.

طرح الرئيس شي جينبينغ مفهوم إقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، انطلاقا من فهمه للزخم العام للتاريخ ورؤيته بشأن تطور العصر، ودعا دول العالم إلى تجاوز الخلافات والاختلافات، والعمل سويا على العناية بهذا الكوكب الأرضي الوحيد الذي يصلح لعيش البشرية، وبناء هذه القرية الكونية التي يشارك الجميع فيها المستقبل المشترك. يعكس هذا المفهوم الهام التقاليد الثقافية الصينية الممتازة المتمثلة في خلق عالم يتقاسمه الجميع، ويجسد أيضا المشاعر الأممية للشيوعيين الصينيين، وهو يضع رفاهية البشرية جمعاء فوق كل الاعتبارات، مثلما يقول شعر “عندما نصعد إلى قمة جبل تايشان، تبدو القمم الأخرى منخفضة”. رأينا بكل ارتياح أن عددا متزايدا من الدول تشارك في إقامة مجتمع المستقبل المشترك، وهناك أكثر من 100 دولة تدعم “المبادرات العالمية الثلاث”، وأكثر من ثلاثة أرباع الدول انضمت إلى عائلة التعاون في بناء “الحزام والطريق”. سيثبت التاريخ أن الفائز الحقيقي هو من يأخذ مصلحة الجميع في عين اعتباره. إن التوجه يدا بيد نحو مجتمع المستقبل المشترك للبشرية سيجعل العالم عالما تملكه جميع الدول، ويجعل المستقبل مستقبلا يملكه جميع الناس.

 

الإذاعة الوطنية الإندونيسية: كلما زادت عوامل عدم اليقين وعدم الاستقرار في العالم، زاد احتمال أن تصبح الدول النامية والدول المتوسطة والصغيرة ضحايا قبل غيرها. في هذا السياق، كيف تحافظ دول الجنوب العالمي على مصالحها؟

وانغ يي: يشهد عالم اليوم تحولات وتغيرات تنطلق من الجنوب، إذ أن تصاعد وتنامي الجنوب العالمي أبرز ميزة لهذا العصر. إن الجنوب العالمي اليوم الذي يستحوذ حجم اقتصاده على أكثر من 40% من حجم الاقتصاد العالمي، وتصل نسبة مساهتمه في نمو الاقتصاد العالمي إلى 80%، قد أصبح قوة حاسمة للحفاظ على السلم الدولي وتدعيم التنمية العالمية وتحسين الحوكمة العالمية.

في ظل التغيرات التي لم يشهدها العالم منذ مائة عام، شهدت العلاقات بين الشرق والغرب وبين الجنوب والشمال تغيرات تاريخية من التصاعد والتراجع. استشرافا للمستقبل، يكون الجنوب العالمي أهم عامل من عوامل الاستقرار والازدهار للعالم.

ينبغي للجنوب العالمي أن يقوي نفسه. في مطلع العام الجاري، انضمت إندونيسيا إلى مجموعة البريكس كعضو رسمي، وانضمت 9 دول إلى أسرة البريكس بصفة دولة شريكة. تصبح البريكس حاليا ركيزة التعاون ومحرّك النمو للجنوب العالمي، فعلينا أن نواصل تطوير “البريكس الموسعة” وتعزيز قوتها، وإضفاء ديناميكية أقوى على تقدم الجنوب العالمي.

ينبغي للجنوب العالمي أن يبقى على الوحدة. في هذا العام، ستستضيف البرازيل وجنوب إفريقيا قمة البريكس وقمة مجموعة العشرين كل على حدة، بالإضافة إلى قمة منظمة شانغهاي للتعاون التي ستستضيفها الصين. علينا أن نطلق صوتا موحدا في المحافل الدولية، من أجل الحفاظ على مصالحنا المشتركة، ومواصلة زيادة التمثيل وحق الكلام لنا في الحوكمة العالمية.

ينبغي للجنوب العالمي أن يحقق التنمية. أعلن الرئيس شي جينبينغ في نوفمبر الماضي عن الأعمال الصينية الثمانية الداعمة للتنمية العالمية، الأمر الذي ضخ قوة دافعة جديدة لتسريع وتيرة التنمية للجنوب العالمي. علينا أن نلتزم بوضع التنمية في قلب الأجندة الدولية، ونعمل على تربية الديناميكية للتنمية ورفع القدرة على التنمية، ونسير يدا بيد على الطريق نحو التحديث.

تعتبر الصين عضوا طبيعيا للجنوب العالمي، لأننا نتشارك تاريخا من النضال ضد الاستعمار والهيمنة، ونتحمل رسالة مشتركة لتحقيق التنمية والنهضة. ستظل الصين تهتم بالجنوب العالمي وتتجذر في الجنوب العالمي مهما كانت تغيرات الأوضاع الدولية، وتعمل مع سائر دول الجنوب العالمي على كتابة فصل جديد لتنمية البشرية في هذا العصر.

بلومبيرغ نيوز: لقد أجرت الولايات المتحدة وروسيا المفاوضات المباشرة بشأن إنهاء الأزمة الأوكرانية، وأعرب الرئيس دونالد ترمب عن ترحيبه بالصين لتوفير المساعدة في هذه العملية، فما هو الدور المطلوب للصين في هذا الصدد حسب رأيكم؟

وانغ يي: يدعو الجانب الصيني منذ اليوم الأول لاندلاع الأزمة إلى الحوار والتفاوض لإيجاد حل سياسي، ويبذل جهودا حميدة في سبيل إحلال السلام والحث على المفاوضات. في هذا السياق، طرح الرئيس شي جينبينغ في بداية الأزمة الرؤية المهمة المتمثلة في “الضرورات الأربع”، الأمر الذي حدد اتجاه جهودنا. بناء على ذلك، أصدر الجانب الصيني ورقة الموقف الصيني بشأن الأزمة الأوكرانية، وأرسل المبعوث الخاص للقيام بالدبلوماسية المكوكية، وأطلق مع البرازيل وغيرها من دول الجنوب العالمي “مجموعة الأصدقاء للسلام” في الأمم المتحدة. إن ما يلتزم به الجانب الصيني دائما هو موقف موضوعي وعادل، وما يطلقه دائما هو صوت هادئ ومتوازن، ويهدف ذلك إلى تهيئة ظروف مواتية وبلورة توافقات لتسوية الأزمة.

يرحب ويدعم الجانب الصيني كافة الجهود الساعية لإحلال السلام. وفي الوقت نفسه، يجب أن ندرك أن الأسباب الجذرية لهذه الأزمة متشابكة ومعقدة، وهي ليست وليدة اليوم، فلا يمكن حلها بين ليلة وضحاها. على الرغم من ذلك، لا غالب في الصراع ولا مغلوب في السلام. تكون طاولة المفاوضات بمثابة نقطة النهاية للصراع ونقطة البداية للسلام. تأمل جميع الأطراف، على الرغم من تباين مواقفها، في التوصل إلى اتفاق سلام عادل ودائم وملزم ومقبول لدى كافة أصحاب الشأن، وذلك يعد توافقا ثمينا لم يحصل بسهولة، كما أنه هدف يتطلب المساعي المشتركة لتحقيقه. إن الجانب الصيني على استعداد للعمل مع المجتمع الدولي على مواصلة لعب الدور البناء وفقا لرغبات أصحاب الشأن، في سبيل تسوية الأزمة بشكل نهائي وتحقيق السلام الدائم.

أود أن أضيف شيئا آخر. قد امتدت الأزمة الأوكرانية لأكثر من ثلاث سنوات دون حل. عندما نستعرض مجرياتها، نجد أن هذه المأساة كان من الممكن تجنبها. يجب أن تأخذ كافة الأطراف الدروس من هذه الأزمة، مفادها أن الأمن هو متبادل ومتساو، ولا يجوز أن يقوم أمن دولة ما على حساب الدول الأخرى. من الضروري الدعوة إلى مفهوم الأمن الجديد المشترك والمتكامل والتعاوني والمستدام وتنفيذه على أرض الواقع، هذا هو الطريق لتحقيق الأمن والأمان الدائمين في قارة أوراسيا حتى العالم بشكل حقيقي.

CGTN: إن الصعود المفاجئ لتطبيق ديب سيك يظهر القدرة الابتكارية للصين في مجال الذكاء الاصطناعي. يرى بعض الناس أن الولايات المتحدة لا تقبل تفوق الصين في مجال العلوم والتكنولوجيا. كيف تنظر إلى المنافسة بين الصين والولايات المتحدة في مجال العلوم والتكنولوجيا؟

وانغ يي: في الآونة الأخيرة، فاقت الابتكارات العلمية والتكنولوجية الصينية تخيلات الناس باستمرار. من “القنبلتين الذرية والهيدروجينية والصواريخ والقمر الاصطناعي” إلى المركبة الفضائية “شنتشو” والمسبار الفضائي “تشانغ آه”، ثم إلى شبكة الجيل الخامس والحوسبة الكمومية وتطبيق ديب سيك، لم يتوقف الشعب الصيني بأجياله المتتالية عن الكفاح، ويصبح الطريق الصيني لتقوية البلاد بالعلوم والتكنولوجيا أوسع فأوسع.

طبعا، لم يكن هذا الطريق مفروشا بالورود، ولم يتوقف القمع غير المبرر من الخارج يوما، سواء أكان في مجال علوم الفضاء أو في مجال تصنيع الرقائق الإلكترونية. لكن حيثما يوجد الحصار يوجد الاختراق، وحيثما يوجد القمع يوجد الابتكار. إن المكان الذي يشهد أعنف العواصف هو بحد ذاته المسرح لـ”نيزها”، الشخصية في الأسطورة الصينية التي تتجرأ على المقاومة وتكسر القيود وتحقق الانتصار. صدق شعر صيني قديم قائلا إن “الجبال لا تستطيع منع مياه الأنهار من التدفق إلى البحر”. يعجز الفناء الصغير المحاط بالجدار العالي عن احتواء الأفكار الابتكارية، ومن يفك الارتباط ويقطع السلاسل سيعزل نفسه في نهاية المطاف.

لا يجوز أن تكون العلوم والتكنولوجيا أداة لنسج الستار الحديدي، بل يجب أن تكون ثروة يتقاسمها ويستفيد منها الجميع. من أجل دفع التنمية المشتركة للبشرية، نفذ الجانب الصيني بجد ما طرحه الرئيس شي جينبينغ من “المبادرة العالمية لحوكمة الذكاء الاصطناعي”، وأصدر “خطة العمل بشأن بناء قدرات الذكاء الاصطناعي من أجل النفع للجميع”، وأطلق مع البرازيل وجنوب إفريقيا والاتحاد الإفريقي “المبادرة بشأن التعاون الدولي في مجال العلوم المفتوحة”، داعيا إلى إيلاء الاهتمام لبناء قدرات العلوم والتكنولوجيا في الجنوب العالمي وعدم ترك أي دولة خلف الركب. نحن على استعداد لتقاسم إنجازات الابتكار مع مزيد من الدول، وننضم إلى جهودهم لمطاردة الأحلام الطموحة.

رويترز: فرض دونالد ترمب جولة جديدة من التعريفة الجمركية الإضافية على الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة تحت ذريعة مسألة الفنتانيل بعد عودته إلى البيت الأبيض. وفي الوقت نفسه، أعرب عن أمله في إقامة علاقات جيدة مع الصين. كيف تختلف طريقة تعامل الصين مع الجانب الأمريكي مقارنة بما في الولاية الأولى لدونالد ترمب؟

وانغ يي: يعد الاحترام المتبادل مبدأ أساسيا للتواصل بين الدول وشرطا مسبقا مهما للعلاقات الصينية الأمريكية. لا يجوز لأي دولة أن تتوهم قمع الصين واحتواءها من جهة وتطوير علاقات جيدة معها من جهة أخرى. إن مثل هذه المقاربة من “رجل ذي وجهين” لا تخدم استقرار العلاقات الثنائية، بل ولا تسهم في إقامة الثقة المتبادلة بين الجانبين.

ذكرت الفنتانيل، لنكون واضحين أولا أن الصين ظلت تحارب بحزم الاتجار بالمخدرات وإنتاجها، وهي الدولة التي تتخذ السياسات الأكثر صرامة ودقة لمكافحة المخدرات في العالم. فرضنا الضوابط على جميع المواد المتعلقة بالفنتانيل قبل الدول الأخرى منذ عام 2019 بناء على طلب الجانب الأمريكي. إن إساءة استعمال الفنتانيل في الولايات المتحدة هي مشكلة يجب على الولايات المتحدة أن تواجهها وتحلها بنفسها. قدم الجانب الصيني مساعدة بمختلف الأشكال إلى الولايات المتحدة انطلاقا من الروح الإنسانية، فلا يجوز للجانب الأمريكي رد الجميل بالإساءة، ناهيك عن فرض التعريفة الجمركية الإضافية غير المبررة، وهذه التصرفات لا تليق بدولة مسؤولة كبيرة.

“إن لم ينفع عملكم، ابحث عن السبب في نفسكم”. يجب على الولايات المتحدة مراجعة المجريات، ماذا حصلتم عليه في حرب التعريفة الجمركية والحرب التجارية طيلة السنوات الماضية؟ هل اتسع عجزكم التجاري أم تقلص؟ هل ارتفعت قدرتكم التنافسية لقطاع التصنيع أم انخفضت؟ هل تقلل التضخم في بلادكم أم تفاقم؟ هل تحسنت حياة شعبكم أم تدهورت؟ إن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين والولايات المتحدة متبادلة ومتكافئة. إذا اخترتم التعاون، فستتحقق المنفعة المتبادلة والكسب المشترك؛ إذا أصررتم على فرض الضغوط، فسترد الصين على ذلك بحزم بكل التأكيد.

إن الصين والولايات المتحدة باعتبارهما أكبر دولة نامية وأكبر دولة متقدمة في عالم اليوم، ستبقيان في هذا الكوكب الأرضي لفترة طويلة. عليه، لا بد لهما من التعايش السلمي. كما أشار إليه الرئيس شي جينبينغ في مكالمته الهاتفية مع الرئيس دونالد ترمب في مطلع العام الجاري، لا يجوز أن يكون الصراع والمجابهة خيارا. لدى الصين والولايات المتحدة المصالح المشتركة الواسعة النطاق والمجالات الرحبة للتعاون، فمن الممكن أن تكونا شريكين لإنجاح بعضهما البعض وتحقيق الازدهار المشترك.

سيواصل الجانب الصيني السعي إلى تطوير العلاقات الصينية الأمريكية على نحو مستقر وسليم ومستدام وفقا لما طرحه الرئيس شي جينبينغ من المبادئ الثلاثة المتمثلة في الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون والكسب المشترك. في الوقت نفسه، نأمل من الجانب الأمريكي الإصغاء إلى أصوات الشعبين وفهم الاتجاه العام لتطور التاريخ، والنظر إلى التنمية الصينية من المنظور الموضوعي والعقلاني، وإجراء التواصل مع الصين بموقف إيجابي وعملي، والعمل مع الجانب الصيني سويا على سلك طريق التعامل الصحيح الذي يخدم كلا البلدين ويفيد العالم برمته.

صحيفة الشعب اليومية: كيف تنظر الصين إلى دور منظمة شانغهاي للتعاون في الوقت الراهن؟ وما هي المشاريع التي ستطرحها الصين خلال رئاستها الدورية للمنظمة؟ وما هي المواضيع التي ستتم مناقشتها في قمة المنظمة التي ستنعقد في الصين؟

وانغ يي: إن هذا العام بالنسبة إلى منظمة شانغهاي للتعاون هو “عام الصين”. كانت ولادة المنظمة في الصين وتسميتها باسم شانغهاي، وذلك يكتسب دلالة خاصة بالنسبة لنا. نحن سعداء باستقبال المنظمة في “بيتها”.

ما يجعلنا أكثر ارتياحا هو أن المنظمة قد أصبحت “أسرة كبيرة” بعد مرور 24 سنة من التطور، حيث زاد عدد الدول الأعضاء لها من 6 إلى 26 دولة، مما جعلها أكبر منظمة للتعاون الإقليمي في العالم من حيث المساحة الجغرافية وعدد السكان.

إن أهم سبب لتطور منظمة شانغهاي للتعاون وتناميها يرجع إلى أنها تكرس دوما “روح شانغهاي”، وتتمسك بكل ثبات بالغاية الأصلية المتمثلة في الثقة المتبادلة والتنافع والمساواة والتشاور واحترام الحضارات المتنوعة والسعي وراء التنمية المشتركة، مما شق طريقا جديدا للتعاون الإقليمي.

تعمل الصين حاليا، باعتبارها الرئيس الدوري للمنظمة لهذا العام، على تنفيذ أكثر من 100 فعالية في مجالات السياسة والأمن والاقتصاد والتبادل الشعبي والثقافي وغيرها تحت شعار “تكريس روح شانغهاي: تتحرك منظمة شانغهاي للتعاون”. سنعمل على إعلاء “روح شانغهاي” بـ”العمل الصيني” وتحريك عجلة المنظمة بـ”المحرك الصيني”.

أود أن أفيدكم هنا بأن الصين ستستضيف قمة المنظمة في مدينة تيانجين في خريف العام الجاري، حيث سيجتمع قادة دول المنظمة في هذه المدينة التي تشتهر بنهر هايه، لتلخيص الخبرات الناجحة ورسم الخطوط العريضة للتنمية وبلورة التوافقات للتعاون، ودفع هذه المنظمة للانطلاق من الصين مرة أخرى، والمساهمة في إقامة مجتمع المستقبل المشترك الأوثق لدول منظمة شانغهاي للتعاون.

غلوبال تايمز: يرى البعض أن النظام الدولي القائم يمر بأخطر لحظة منذ الحرب العالمية الثانية، حيث تضعف الأمم المتحدة من حيث سلطتها ودورها. في رأي الجانب الصيني، كيف التجنب من هذا الوضع؟ وما هو الدور الصيني في هذا الصدد؟

وانغ يي: يصادف هذا العام الذكرى الـ80 لتأسيس الأمم المتحدة. كان تأسيس الأمم المتحدة أهم قرار

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى